ديننا

موضوع: ديننا الثلاثاء فبراير 10, 2009 5:46 am

ديننا الذي ندين الله به هو ما جاءنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وفسره لنا على يديه الروح الأمين جبريل عليه السلام وذلك في الحديث المتفق عليه
"هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم".
وفيه فرَّق بين مسمى "الإسلام" ومسمى "الإيمان" ومسمى "الإحسان".
ففي لإسلام قال صلى الله عليه وسلم في جوابه عن سؤال جبريل عنه فقال "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة ، وتصوم رمضان ،وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" فقال له جبريل "صدقت"
فلما سأله عن الإيمان أجابه صلى الله عليه وسلم بقوله" الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" فقا له جبريل "صدقت"
ففرق صلى الله عليه وسلم في الجواب بين المسميين، وجعل صلى الله عليه وسلم الدين ثلاث درجات:
أعلاها الإحسان الذي قال عنه في جابه له" أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
وأوسطها الإيمان.
ويليه الإسلام.
وعلى ذلك فكل محسن مؤمن، وكل مؤمن مسلم، وليس كل مؤمن محسنا، ولا كل مسلم مؤمنا.
ويتأكد هذا بحديث أبي قلابة الذي رواه حماد بن زيد عن أيوب عنه عن عمرو بن عبسة عن النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من أهل الشام. " أسلم تسلم" قال وما الإسلام؟ قال" أن تسلم قلبك لله ، وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك" قال فأي الإسلام أفضل؟ قال "الإيمان" قال : وما الإيمان؟ قال" أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ، ورسله، وبالبعث بعد الموت" .قال: فأي الإيمان أفضل ؟ قال" الهجرة" .قال : وما الهجرة؟ قال" أن تهجر السوء" .قال فأي الهجرة أفضل؟ قال"الجهاد". قال : وما الجهاد؟ قال"أن تجاهد – أو تقاتل- الكفار إذا لقيتهم ،ولا تغلل ،ولا تجبن" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"عملان هما أفضل الأعمال ،إلا من عمل بمثلها – قالها ثلاثا- حجة مبرورة أو عمرة" .
الحديث أخرجه أحمد في المسند بإسناد صحيح ، وهو في مصنف عبد الرزاق برقم 20107، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد في المنتخب301،وقد أورده الهيثمي في المجمع 1/59، 3/ 207 ،وقال : رواه أحمد والطبراني في الكبير بنحوه، ورجاله ثقات. راجع المسند 28/252. وقال ابن تيمية :رواه أحمد ومحمد ابن نصر المروزي المجموع له7/6 قال: ولهذا يذكر هذه المراتب الأربعة فيقول:" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده, والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، والمهاجر من هجر السيئات، والمجاهد من جاهد نفسه". وهذا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو، وفضالة بن عبيد، وغيرهما بإسناد جيد، وبعضه في الصحيحين.
وفي حديث عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه عن جده، أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:ما الإسلام؟ قال" إطعام الطعام ،وطيب الكلام" قيل: فما الإيمان؟ قال" السماحة والصبر". قيل: فمن أفضل المسلمين إسلاما؟. قال" من سلم المسلمون من لسانه ويده". قيل: فمن أفضل المؤمنين إيمانا؟ قال" أحسنهم خلقا". قيل فما أفضل الهجرة؟ قال:"من هجر ما حرم الله عليه" .قال:أي الصلاة أفضل؟. قال" طول القنوت".قال:أي الصدقة أفضل؟ قال" جهد المقل". قال :أي الجهاد أفضل؟. قال " أن تجاهد بمالك ونفسك؛ فيعقر جوادك؛ ويراق دمك".قال أي الساعات أفضل؟ قال "جنح الليل الغابر"
قال ابن تيمية رحمه الله: ومعلوم أن هذا كله مراتب بعضها فوق بعض، وإلا فالمهاجر لابد أن يكون مؤمنا، وكذلك المجاهد.
ولهذا قال " الإيمان السماحة والصبر" ، وقال في الإسلام " إطعام الطعام وطيب الكلام".
والأول –الإيمان- مستلزم للثاني ،فإن من كان خلقه السماحة فعل هذا بخلاف الثاني، فإن الإنسان قد يفعل هذا –إطعام الطعام- ولا يكون في خلقه سماحة ولا صبر.
وكذلك قال" أفضل المسلمين إسلاما من سلم المسلمون من لسانه ويده"، وقال:"أفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا". ومعلوم أن هذا يتضمن الأول،فمن كان حسن الخلق فعل ذلك-سلم المسلمون من لسانه ويده، وأطعم عن رضى نفس الطعام، وحسن منطقه ولسانه.
وقد سئل الحسن البصري عن حسن الخلق فقال: بذل الندى، وكف الأذى،وطلاقة الوجه.
وبذلك يكون قد أجاب رضي الله عنه على وفق ترتيب الحديث السابق، حيث جعل أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده،فكان كف الأذى جزءا من حسن الخلق.
وعلى هذا يفهم ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جعله أحيانا الأعمال الظاهرة من الإيمان، من مثل قوله صلى الله عليه وسلم" الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة، أعلاها ل إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ،والحياء شعبة من الإيمان".
ومعلوم أنه لم يرد أن هذه الأعمال تكون إيمانا بالله بدون إيمان القلب؛ فقد أخبر صلى الله عليه وسلم في غير موضع أنه لابد من إيمان القلب حتى يقبل ما بعده.
وذلك من مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح " ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله ،وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"، وفي المسند عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" الإسلام علانية والإيمان في القلب"
وبذلك يظهر أن من صلح قلبه صلح جسده، وليس العكس.
وقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص أن سفيان بن عيينة قال: كان العلماء فيما مضى يكتب بعضهم إلى بعض بهؤلاء الكلمات" من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه"
وعلى ذلك :
فصلاح القلب بالإيمان.
وصلاح الجسد بالإسلام.
فإذا صلح القلب بالإيمان صلح الجسد بالإسلام.

وصلاح الجسد بالإسلام هو من قضايا الإيمان.